DZالرئيسية

جبهة العدالة والتنمية تكشف عن موقفها من مسودة تعديل الدستور في الجزائر  

إجتمع المكتب التنفيذي الوطني لجبهة العدالة والتنمية بحضور رئيس مجلس الشورى الوطني عبر تقنية التحاضر عن بعد من أجل تقديم قراءة أولية لمسودة تعديل الدستور التي تسلمت الجبهة نسخة وكذا وضع الأطر المناسبة لحسن دراستها ومناقشتها على المستووين المركزي والقاعدي بشكل عميق وموضوعي، وبعد مناقشة المكتب التنفيذي الوطني للموضوع ودراسته للظروف المحيطة بإصدار هذه المسودة سجل عدم ملائمة الظروف السياسية والاجتماعية لإصدارها وفتح نقاش فعال يعطيها حقها من الأخذ والرد ويسمح للجميع بالاطلاع عليها، وذلك بالنظر إلى الجو الذي أوجدته النظرة الأمنية في التعامل مع النشطاء السياسيين وشباب الحراك من خلال الاعتقالات التي عرفتها الكثير من الولايات والأحكام التي تصدر هنا وهناك ضدهم، عدم القدرة على التحكم في الأزمة التي تسبب فيها انتشار فيروس كورونا إلى غاية الآن مما أطال زمنها وأبقى على الإجراءات المرافقة لها بما فيها الحجر الصحي وهو ما يرهن فتح نقاش واسع حول ما جاءت به المسودة، كما اعتبروا أن إطلاق هذه الوثيقة في هذا التوقيت بالذات يطرح العديد من التساؤلات حول خلفياته الحقيقية، لكن، وبالنظر لمحورية موضوع تعديل الدستور وأهميته البالغة، جدد المكتب التنفيذي الوطني التزامه باتخاذ الإجراءات المناسبة لتعميق دراسة مسودة الدستور وكذا توفير الشروط الموضوعية لتمكين مؤسسات الجبهة من تحديد موقف نهائي حولها وأعلن عن تكليف لجنة وطنية بالتنسيق مع رئيس الجبهة ورئيس مجلس الشورى الوطني لدراسة المسودة وتكليف جميع المؤسسات القاعدية بمدارستها، إطلاق استشارة واسعة للمختصين وللمتعاطفين ولشباب الحراك حول ملف التعديل الدستوري لتكون أرضية مساعدة لإعداد تقرير شامل ومعبر ومساعد لمؤسسات الجبهة في تحديد الموقف النهائي والذي يجب أن يكون معبرا حقيقة عن مطالب الشعب ومن ورائه الحراك الشعبي، السعي لإيجاد إطار للتشاور مع الطبقة السياسية من شخصيات وأحزاب مختلفة ومؤسسات المجتمع المدني الجادة والملتزمة بمطالب الحراك الشعبي، وقد وضع المكتب ست محددات أساسية تحكم عمل اللجنة الوطنية المكلفة بدراسة المسودة وهي مدى إلتزامها بالتوفيق بين ما تقرره الأصول الشرعية الواردة في الكتاب والسنة وما اجمع عليه السلف الصالح في أصول الحكم وفروعه، وَبَيْن كبرى ما توصلت إليه الاجتهادات البشرية المعاصرة من آليات ونظم محاربة للاستبداد وحامية للحريات وصائنة للشرعية ، مدى توافقها مع بيان أول نوفمبر 1954، وتحقيق آمال الشهداء والأجيال من بعدهم في إقامة دولة جزائرية ديمقراطية واجتماعية ذات سيادة في إطار المبادئ الإسلامية، مدى احترام سلطة وتطلعات الشعب المعبر عنها خلال أكثر من سنة من الحراك الشعبي. والمحافظة على سيادة الدولة ووحدتها الترابية، مدى استفادة المسودة من كل ايجابي اشتمل عليه دستور 1989 ودستور 1996، ومدى تجنبها لكل ما فيها من أخطاء أو خروج عن الأصول الشرعية في السياسة والحكم، أو أي خلل لا تقره الديمقراطيات الحديثة التي حققت لأصحابها نوعا من الاستقرار والتطور، مدى محاربتها لتكريس الاستبداد والحكم الفردي، والعدوان على الحقوق والحريات، وتدعيم الحياة السياسية ومحاربة الفساد وإشاعة قواعد الحكامة وتحقيق الحكم الراشد، مواثيق الجبهة ووثائقها وخاصة إسهامات رئيسها الشيخ عبد الله جاب الله عبر كل محطات تعديل الدستور الجزائري، ومن خلال القراءة الأولية للوثيقة المقترحة للنقاش يؤكد المكتب التنفيذي الوطني وعلى ضوء ما عبرت عنه اللجنة المكلفة بإعداد الأرضية فإن المسودة المعروضة للنقاش بأنها تبقى بعيدة مرة أخرى عن تحقيق طموحات وأمال الشعب ومطالبه المعبر عنها من خلال الحراك الشعبي الذي ظل لمدة سنة كاملة ولا يزال يطالب بالتغيير الشامل والعميق. وتم تأكيد تحفظهم المسجل حول اقتصار اللجنة المعدلة للدستور على تقنيين ينتمون في أغلبهم إلى تيار إيديولوجي واحد مما يقف عائقا أمام بناء دستور توافقي حقيقي ويحتم ضرورة النظر الجاد لتصحيح هذا التوجه، رفض تغليب منطق التدوين التقني لأسس دستورية وخلفيات قانونية بعيدة كل البعد عن عمق المجتمع وثوابته وهو ما يدفعنا للتنبيه على خطورة هذا المسعى وأثره السيء على الوثيقة الدستورية التي تعتبر الوثيقة السامية للدولة والجامعة للشعب، التنصيص في وثيقة رسمية وزعت على جزائريين على أن وثيقة الدستور صيغت باللغتين الفرنسية والعربية وضرورة توافق الترجمة هو انحراف في حد ذاته وهو ما دفعهم للتنديد بهذا السلوك والتخوف من استمرار تغليب لغة المستعمر على اللغة الوطنية والرسمية، اقتصار التعديلات على المحاور السبع التي حددت مسبقا في رسالة التكليف بما يمنع من تقديم تعديلات جوهرية وعميقة في الدستور تعزز المشاركة السياسية والديمقراطية التشاركية وتوقف تغول السلطة التنفيذية على بقية السلطات وتصنع التوازن بينها وترتقي بالحريات الفردية والجماعية، عدم الإشارة للعزل السياسي للفاسدين والمساهمين في الفساد والتزوير الانتخابي وما إشراك الأحزاب التي ناشدت الرئيس المخلوع الترشح للعهدة الخامسة وكانت أدوات لنشر الفساد السياسي والمالي خلال العشرين سنة الأخيرة إلا إشارة جد سلبية اتجاه الهبة الشعبية التي طالبت بمحاسبتها، إقرار اللجنة في الوثيقة أنها لم تفصل في طبيعة النظام السياسي الهجين الذي فرضته الدساتير السابقة وكرسه مساوئه دستور 2016 خاصة ما تعلق بتكريس غلبة السلطة التنفيذية و تغولها، ولم يعط أي قيمة للأغلبية الشعبية، ومنعها من حق المشاركة في الحكم والتسيير بإبعادها عن اختيار رئيس الحكومة، وهو أمر يقوض معنى الديمقراطية التشاركية وحق التمثيل ويبعد الإرادة الشعبية المعبر عنها في الانتخابات التشريعية، الوثيقة المعروضة اليوم للنقاش تنم عن تثبيت الحكم الفردي وتثبيت الإنفراد والأحادية وتحصينه من كل مسوؤلية سياسية أو جنائية ، وتحمل كذلك في ثناياها إرادة لتمييع الحياة السياسية والإبقاء على مسببات شيوع الفساد وتكسير الحياة الحزبية، كما تناولت عددا من القضايا الرئيسية بغموض قد يتسبب في تهديد وحدة الشعب واستقرار بنيانه الاجتماعي والسياسي وحدته الترابية.
وفي الأخير  تأمل جبهة العدالة والتنمية في أن تكون مسودة الوثيقة الدستورية المعروضة اليوم للنقاش فرصة للسلطة للتصالح مع شعبها بتجسيد مطالبه وتثبيت سيادته، وأن تكون محطة أساسية لترميم الهوة الكبيرة بين السلطة القائمة وبين المكونات السياسية الرافضة لمسارها، و كذلك العمل على إشاعة جو جديد من خلال إطلاق سراح معتقلي الحراك الشعبي بسبب مواقفهم أو كتاباتهم وفتح الإعلام للمعارضين وعدم التضييق عليهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى