يحتفل الأمازيغ في شمال أفريقيا والعالم برأس السنة الأمازيغية وسط أجواء تطبعها إجراءات صحية ومخاوف من انتشار فيروس كورونا.
ورغم أن الاحتفالات قد تقتصر على البيوت هذا العام، إلا أن بعض الجمعيات الأمازيغية ستحاول إحياء المناسبة بطرق خاصة.
ويوافق 2021 في التقويم الأمازيغي عام 2971. ويعتدّ الأمازيغ بهذا التاريخ معتبرين أن تقويمهم يتجاوز التقويم الغريغوري بـ 950 سنة
قصة يناير
وبين الحقيقة و الخيال، بين الاسطورة و الخرافات ، يعود الاحتفال برأس السنة الأمازيغية التي يحتفل بها الجزائريون ما بين يومي من 12 إلى 13 جانفي، تترجمها عادات وتقاليد متوارثة عبر الازمنة و الامكنة من الشرق الى الغرب و من الشمال الى الجنوب، تعبيرا عن الفرحة بدخول السنة الجديدة، وإنتظارت لخيراتها و بركاتها،
حيث تختلف الروايات عن أصول “ينّاير” أو “ناير”، لكن الرواية الأبعد عن الأسطرة والأقرب إلى قلوب المؤرخين هي قصة وصول الأمازيغ إلى عرش مصر.
فالاحتفال برأس السنة الأمازيغية هو في الأصل احتفال بانتصار الملك شيشنق -وهو أمازيغي من أصول ليبية- على الفراعنة الذين كان يحكمهم رمسيس الثالث.
ويقول مؤرخون إن المعركة حدثت على ضفاف النيل 950 سنة قبل الميلاد. وعلى إثر انتصاره، أصبح الملك شيشنق الأمازيغي حاكم الأسرة الثانية والعشرين للفراعنة.
هناك أيضا من يرجع أصول الاحتفال بـ”ينّاير” إلى بعض الأساطير القديمة، منها أسطورة العجوز التي تحدّت شهر يناير وظروف الجو القاسية لترعى أغنامها، فطلب شهر يناير من شهر فبراير أن يعيره ليلة ونهارا للانتقام من العجوز.
وتؤكد الأسطورة أن “يناير” جمد أوصال العجوز وأغنامها، لذا يعتبر بعض الأمازيغ القدامى أن هذا اليوم يجب أن يكون يوم حيطة وحذر.
آخرون يعتبرون أن الاحتفال بـ”ينّاير” سيجلب لهم الخير والسعادة، والنجاح لأن يناير هو أول شهر في الرزنامة الأمازيغية الفلاحية.
عادات ترافق الاحتفالات:
لا يخلو شهر يناير من الاحتفالات والطقوس التي تعكس الهوية الأمازيغية خاصة في الدول المغاربية، ففي الجزائر مثلا تجتمع العائلة لإعداد أطباق خاصة بهذه المناسبة، مثل طبق “شخشوخة” و”الرشتة” و “بركوكس” بالإضافة إلى “التراز” وهو مكون من الحلويات والتمر والفواكه الجافة.
وكلما تنوعت الأطباق والمأكولات كلما كانت السنة سنة خير ورزق.
وفي هذه المناسبة، يقوم أفراد العائلة بوضع الطفل الأصغر وسط “جفنة” أو صينية كبيرة ويدورون حوله ويرمون عليه “التراز”، اعتقادا منهم أن هذا سيزيد من رزق الطفل.
أما في تونس، فالتقاليد تختلف حسب المناطق. وبما أن رأس السنة الأمازيغية ليس عطلة رسمية، فالاحتفال به يبقى محدودا إلا لدى بعض الأمازيغ التونسيين في الجبال، والذين ظلوا متشبثين بهذه التقاليد.
ويحتفل أمازيغ تونس بتحضير أطباق تقليدية كالعصيدة والكسكس و”تيكربابين”، وتجتمع العائلة أو القبيلة للاحتفال ثم الدعاء لتكون السنة الجديدة وافرة بالأمطار والمحاصيل الزراعية.
أما الليبيون، ومنذ حوالي خمس سنوات بدأوا يخرجون في احتفالات خاصة برأس السنة في المناطق المأهولة بالأمازيغ.
ففي جبل نفوسة مثلا تخرج النساء لجمع الأعشاب والنباتات ويعلقنها في أسقف منازلهن كمقدمة لبداية سنة زراعية خضراء مليئة بالوفرة والخصوبة.
وتسقى الأطباق (وخاصة الكسكس) بالحليب عوض المرق لتكون السنة صافية كصفاء الحليب، كما أنهم لا ينظفون الأواني ولا يشعلون النار ليلة رأس السنة.
ويحتفل المغاربة بـ”ينّاير” باجتماع العائلة والأصدقاء حول طبق “تاكلا” أو العصيدة، وهو طبق أمازيغي أصيل.
وهناك عائلات تفضل إعداد الكسكس والطاجين والبيض المسلوق والفواكه الجافة، خاصة في نواحي منطقة سوس.
كما تتميز احتفالات “ينّاير” بـ”لعبة أغرمي”، حيث تقوم إحدى النساء بإخفاء نواة التمر داخل العصيدة قبل تقديمها، ومن يجدها يكون “أسعدي ناسكاس” (أي الشخص المحظوظ هذا العام).
وفي بعض المناطق المأهولة بالسكان الأمازيغ، يشعل المحتفلون النيران ويرتدون اللباس التقليدي، ويرقص الرجال والنساء إلى وقت متأخر من الليل تفاؤلا بالسنة الفلاحية الجديدة.