ينظم مركز الفنون الدرامية والركحية بسوسة يوم 16 أكتوبر الجاري العروض الأولى لباكورة انتاجاته المسرحية وهما عملان مسرحيان الأول موجه للكهول وهو عمل ذاتي ينتجه المركز تحت عنوان “الزنقة” للمخرج حافظ الجديدي ويعرض بدار الثقافة حمام سوسة، أما العمل الثاني الموجه للأطفال وهو إنتاج ذاتي أيضا ويحمل عنوان “ثمار المحبة” للمخرج محمد دغمان ويعرض مساء بالمسرح البلدي بسوسة.
ففي ما يخص مسرحية “ثمار المحبة” فهي عمل موجه للأطفال وهو يعالج قضية الصراع بين قيمة الخير المتمثلة في ثمار المحبة والشر العابث بالطبيعة ومن خلال الصراع بين الشخوص بحثا عن شجرة ” ثمرة المحبة” تدور أحداث المسرحية في إطار رمزي “داخل غابة” بحثا عن هذه الثمرة العجيبة التي ستكون منتصرة للخير على الشر. وهذا العمل هو مجموعة أحداث يجسمها ركحيا فريق متكامل من الممثلين المحترفين على غرار محمد الجلاصي، مليكة الحبلاني، منير المخينيني، سنية غزال، آية الهرمي، نضال فرج ، سالم بتبوت، رجاء عطية وكذلك مجموعة هامة التقنيين المتمرسين.
وجاء هذا العمل في تصور وإخراج للفنان محمد دغمان وعن نص لاسكندر اللجمي باللغة العربية الفصحى وموسيقى لعبد الستار عبيد وبتوزيع من الفنان خالد الكلبوسي اما عن الرؤية الاخراجية لهذه المسرحية “فبالعودة إلى أصل النص نجد أنفسنا مجددا أمام العالم الرحب وهو الحكايات الشعبية والقصص العالمية حيث تم اتخاذ نهج متحرر جمع فيه العديد من فنون الفرجة والأداء الركحي تجميعا مدروسا حسب الحاجة و نوعية التوظيف، فاللجوء إلى خيال الظل مثلا كان ضروريا لتشخيص مشاهد يصعب إنجازها مثل مشاهد تجسيد الفيلة و الأرانب و الجراد و كذلك تجسيم بعض الديكورات حتى لا تكون عبئا ثقيلا على المشاهد… وبالتالي كان السينوغرافيا في مرجعيته المرئية كتابا مفتوحا أساسه تربوي لما للكتاب من رمزية و لما له من أثر في تنمية الزاد المعرفي للطفل فكانت كل المشاهد عبارة عن صفحات بها مشاهد تقرأ قراءة مرئية و حركية بجمالية جذّابة تحترم الطفل في ذاته و مخيلته الخصبة و تحقق التواصل بينه و بينها بصفة مباشرة ويتفاعل الطفل مع فنون الفرجة المتاحة في العمل انطلاقا من أداء تمثيلي لشخصيات واقعية مألوفة و مميزة بملابسها المتفردة و المميزة لكل شخصية ليتطور إلى تقنيات خيال الظل و مسرح العرائس،اما العنصر الموسيقي الغنائي فقد لحن خصيصا للمسرحية وهو عنصر أساسي في العمل يمس وجدان الطفل و يجعل هذا الأخير يتغنى بقيمته و يرافقه من البداية إلى النهاية مع وظيفية اللحن في الأحداث و حركة الشخوص من خلال التوزيع المحكم لهذه الموسيقى، وبهذا التنوع التقني والفنّي تكتمل عناصر الفرجة ويحصل الإبهار تلقائيا.
أما مسرحية “الزنقة”فهي عمل موجه للكهول تعالج قضية غسل الأدمغة وعمليات التسفير والإرهاب والاغتصاب والقتل غير المبرر وغير ذلك وهي رحلة يدعونا إليها صحفي في محاولة كشفه عن هوية متطرف ديني وذلك بمعاضدة جهاز الاستخبارات لتنتهي أولا بالكشف عن درجة “الدمغجة” وغسل الدماغ لهذا المتطرف وتتطور الأحداث وتتسارع من خلال محاولات استدراجه باستعمال الفتاة “ماري” و محاولة اغتصابها ليقع الهدف في الشباك و يتم الإيقاع به و إيقافه وهي قضية معاصرة تتكرر تباعا و تخرج الأحداث من فضاء الركح إلى فضاء أرحب وهو الرمزية. وهذه المسرحية هي عمل درامي يترجم من خلال أداء ركحي لثلة من الممثلين المحترفين على غرار طلال أيوب، مراد بوهلال، لمياء خليفة، نافع العرجون وسنية الدو وكذلك مجموعة هامة من التقنيين المتمرسين.
و”الزنقة” دراماتورجيا وإخراج حافظ الجديدي وعن نص لحسن الميلي باللغة الدارجة وموسيقى فرح الطرابلسي اما عن الرؤية الإخراجية لهذه المسرحية فباعتبار النص المعتمد فيها يتناول خرافة لصيقة بالواقع التونسي إثر أحداث 14 جانفي 2011، و تبعا لما أفرزته من تحولات في النسيج السياسي و الاجتماعي من بروز للحراك السلفي، تعتمد الرؤية الإخراجية مبدأ التوليف كمنهج عام في جل التعابير و الحوارات الدرامية التي تمت ترجمتها ركحيا في هذا المشروع و نعني بذلك الأداء و اللعب الركحي و الفيديوهات التصويرية و المعالجة الفنية لإخراجها من المباشرتية إلى الرمزية، الفضاءات الدرامية للخرافة، الإضاءة، الموسيقى، الاكسسوارات و الديكور ذلك ان كل الأدوار كانت إنشائية وتتطلب ذهاب الممثل بخصوصياته الفيزيونومية الجسمية والصوتية من نبرة و نسق و إيقاع صوتي وفق أحداث المسرحية و التموضوعات التي تفرزها. والمسرحية عموما هي محاولة في توظيف تقنيات الفيديو بمعالجة الألوان وتغييب تأثيث الفضاء أحيانا واعتماد البعد الواقعي للصورة وجعل هذه التقنيات تنصهر في اللعب الحي للممثلين كمشهد مسيرة المتظاهرين و مشهد قاعة المقهى بها بعض الحرفاء و مشهد المرأة الهاربة.
منصف كريمي