تحت عنوان “معجم مصطلحات الفنون البصرية”وعن دار النشر “المقدمة”صدرت بتونس مؤخرا وفي 760 صفحة اول معجم عربي خاص بالفنون البصرية وهو للمؤلّف المختصّ سامي بن عامر ليعدّ اول معجمٌ عربيّ للفنون البصرية اذ انه ليس معجماً مُعرّباً، بمعنى أنه ينقل مضمون معجم فرنسي أو إنكليزي إلى اللسان العربي، أو هو مجرّد استدعاء للمصطلحات والأسماء والتيارات الشهيرة بين دفّتي كتاب بل إنه مغامرة تشكيلِ وبلورة شبكة المفاهيم والمدارس والتجارب المتناثرة في الكون الفنّي ضمن إطار واحد يلبّي حاجة الثقافة العربية اليوم إلى لوحة شاملة للفن تضيء الطريق للباحثين والفنانين وتربطهم بفضاء لتلقي الواسع،
ومن ثمّ يؤسس لثقافة بصرية متينة ليختزل هذا الكتاب تجربة حياة فهو حصاد ثلاثة عقود ممّا أنجزه ووثّقه مؤلّفه في مسيرته الجامعيّة من دروس وبحوث ومقالات علمية ومحاضرات ذلك ان التجارب ذات الصلة بالمجال البصري مرّت دون أن تترك أثراً، مُبقية الثقافة العربية على قصورها في الإمساك بمشهد الفن العالمي، تنظيراً وممارسة، كما بقيت مفتقدة للتراكم المُخصب الذي يربط بين الروّاد بالتجارب الجديدة لينصف هذا المعجم في النهاية الفنان العربيّ فيحضُر على قدم المساواة مع مُبدعي الغرب ومؤلّف هذه الموسوعة الفنان التشكيلي وأستاذ التعليم العالي بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس سامي بن عامر هو مُؤلّفٌ و هو فنان وباحث في آن ومشرف على إعداد مذكرات الماجستير وأطروحات الدكتوراه حيث نوقشت تحت إشرافه عديد الأطروحات وهو متحصل سنة 2001 على دكتوراه مرحلة ثالثة من “بنتيون سربون” بجامعة باريس عن مبحثه” التأهيل الجامعي في الفنون التشكيلية” كما شغل بين سنوات 2019-2021 مدير مدرسة الدكتوراه “فنون وثقافة” بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس كما سبق ان شغل خطة مستشار بديوان وزير الشؤون الثقافية مكلف بإعداد المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر وأشرف على ادارة المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس وهو امين عام سابق لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين كما انه من مؤسسي “رواق شيم “وكان كذلك في 2011 مستشارا ممثلا عن المغرب العربي في Artfair TOP 25 بالدار البيضاء بالمغرب و منسق عام لبيانيل تونس للفن العربي المعاصر سنة 2013 وسبق ان انتج عددا من الحصص الثقافية باذاعة تونس الثقافية كما انه فنان تشكيلي نظّم عددا هاما من المعارض الشخصية عن انتاجاته الفنية التشكيلية معرضه الافتراضي سنة 2020 والذي جاء تحت عنوان “لمسة مميتة” واهتم بموضوع الـ”كورونا”
كما شارك في عدد هام من معارض الفنون التشكيلية والورشات ذات الصلة بعدد من الدول خارج حدود الوطن منها بتركيا وعمّان وكولونيا وبيكين الصينية والكويت ولندن والقاهرة ودبي والشارقة وبالمغرب والجزائر كما سبق له ان اصدر كتابا بعنوان “الفنون الجميلة : الاصطلاح وموقعه من الفكر الحديث”سنة 2001 عن مركز النشر الجامعي بتونس الى جانب نشره لمقالات علمية متعددة بمجلة الفنون وبكراسات تونسية وبمجلات” القلم”و” الحياة الثقافية” و” الخيال “المصرية وشارك في تأليف أربع كتب ضمن دليل المعلم في مجال تدريس مادة التربية التشكيلية في التعليم الأساسي الى جانب تنظيمه لعديد الندوات العلمية في إطار اتحاد الفنانين التشكيليين والمهرجان الدولي بالمحرس ومهرجان الزيتونة بالقلعة الكبرى والمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس وصالون الصناعات التقليدية بالكرم وقّدم عديد المحاضرات في تونس وبسطيف بالجزائر والاسكندرية بمصر و عمان وهو ومنذ التسعينات ولايزال يكتب كثيرا من المقالات باللغة العربية والفرنسية في عديد من الصحف الوطنية وهي كتابات تبحث في قضايا متعلقة بميدان الفنون التشكيلية. عن مؤلّفه هذا أفادنا الاستاذ سامي بن عامر بالقول”لطالما انتظرنا كتابًا يطرح المعجمية في الاختصاص ويُبحر في فنّ المصطلحات ذات الخصوصية .. يعنيني الأمر ويعني أغلب الباحثين الذين أرادوا الاستغراق في المفرد اللغوي العربيّ التابع للفنون البصريّة.. وأرادوا التّشبع بما تقدّمه اللّغة العربيّة من امكانيّات ترجمة ومرادفات وصياغات بالمرادف والمقابل والمتفرع …” وبهذا يكون هذا الاصدار مفيدا ومرجعا مهما لمصلحة البحث العلميّ خصوصا انه صدر عن مؤلّف ترك من خلاله أثر انتمائه التونسي فالعربي واشتباكه بالمادة الإبداعية ومساره المهني الى جانب معرفته بحاجات ثقافته اليوم ولعلّ ذلك هو منطلق المشروع برمّته ومنتهاه، فغياب معجم عربيّ موسوعيّ الطابع مُلمٍ بتاريخ الفن وبتقنيات الوساطة الثقافية وبالفن نفسه، أمر لا يخفى على العارف بحال الفن عربياً اليوم.
منصف كريمي