يحتفل سنويا في مختلف مناطق الجزائر برأس السنة الأمازيغية العريق والمشترك لكل شعوب شمال إفريقيا في الـ12 من جانفي الذي سيصادف السنة 2971، حيث انطلقت الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية الجديدة بالجزائر في ظروف استثنائية، جراء تفشي وباء كورونا في البلاد.
استعدادات في مناطق الجزائر لاحتفال بـ”يناير” الأمازيغي
تستعد العديد من مناطق الجزائر لاحتفالات يناير 2971، من خلال الكثير من الأنشطة الثقافية والفنية، التي تعكس في مجملها التراث الوطني المتنوع، المرتمي عبر شساعة الجزائر القارة، وهكذا ستُبرز كل منطقة خصوصياتها، وتستعيد تراثها المادي وغير المادي المحلي، الذي هو قطعة ضمن فسيفساء متكاملة
الانطلاقة الرسمية كانت من عاصمة الأوراس باتنة، التي تحضن هذا الحدث الذي يتواصل الى غاية 12 جانفي الجاري ببرنامج متنوع و ثري يشمل حزمة من الأنشطة الثقافية من معارض و لقاءات ثقافية و ندوات موضوعاتية تتمحور حول الثقافة و اللغة الامازيغية.
من جهته أكد سي الهاشمي عصاد، الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية، الصناعة التقليدية و العمل العائلي الى جانب السلطات و الجمعيات المحلية، أن الاحتفال بيناير هذه السنة سيكون تحت شعار “احترام الإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا” الذي مازال منتشرا في الجزائر و باقي بلدان العالم. و أضاف أنه نظرا للقيود المفروضة على التجمعات بسبب كورونا 19، فان الاحتفال بقدوم السنة الامازيغية سيتم على المستوى العائلي بالبيوت، كما تنظم في الفضاءات العامة نشاطات متنوعة من قبل الجمعيات و المؤسسات.
ويتميز دخول السنة الامازيغية الجديدة 2971 هذا العام ، بتنظيم الطبعة الأولى من “جائزة رئيس الجمهورية للأدب و اللغة الامازيغية” التي أسست في 2020 بمرسوم رئاسي و تتوج أحسن الاعمال و الأبحاث باللغة الامازيغية التي أصبحت رسمية منذ 2016.
حيث تقدر قيمة الجائزة الاولى بمليون دينار بينما ينال الفائز بالمرتبة الثانية 500 ألف دينار والثالث 250 ألف دينار إضافة الى شهادات تقديرية.
غرداية تحتفل بيناير ببرنامج ثري رغم مقتضيات التعامل مع وباء كورونا
بمناسبة انطلاق الاحتفالات الرسمية لإحياء تظاهرة رأس السنة الأمازيغية الجديدة، سطّرت مختلف الجمعيات وفعاليات المجتمع المدني في غرداية برنامجا ثريا، رغم مقتضيات التعامل مع وباء كورونا.
ونظّم فوج الرستمية للكشافة الإسلامية الجزائرية بالتنسيق مع مؤسسة الرستمية للمحافظة على التراث احتفالية «تفاسكا انار» في سد «أحباس ن تيزيوت» التاريخي، المتواجد بحي «باحماني» بلدية غرداية، بالتنسيق مع جمعيات الحي بالإضافة إلى مشاركة فرق الخيالة والبارود، وفرق رياضية وكشفية محلية.
حضر الحفل الذي شهد استعراضات فلكلورية وكلمات بالمناسبة، رئيس المجلس الشعبي الولائي، ورئيس بلدية غرداية، بالإضافة إلى مدير الثقافة ومدير حماية سهل واد ميزاب وشخصيات وأعيان البلدة، مبرزين أهمية التراث المادي واللامادي الذي تزخر به المزاب، وضرورة الاحتفاء به، والمحافظة عليه.
ويرى من جهته رئيس المجلس الشعبي لبلدية غرداية، عمر فخار، أن المظاهر الاحتفالية بيوم يناير يعتبر ميراثا ثقافيا ولهوية الجزائر ضمن مختلف تنوعاتها، وهذا التعزيز من شأنه ضمان تماسك اللحمة الوطنية. وأضاف ذات المنتخب «أن الاحتفالية تشكل مناسبة لدراسة تاريخنا الألفي.
مؤلف جديد للكتابة بالتيفيناغ صدر بالمناسبة عن دار نزهة الألباب بمساهمة مؤسسة فوس دي فوس. مؤلف جديد يوضّح الكتابة بالتيفيناغ في تنوع اللغة المزابية (تومزابت)، ويشمل تدريب على كيفية الكتابة بالتيفيناغ، كما يحوي جملا وعبارات من واقع التراث المزابي. كما يعتبر المؤلف الجديد الذي استغرق إنجازه مدة عامين، الأول من نوعه محليا في هذا المجال، حيث يعتبر مهما جدا للمبتدئين وتدريب الناشئة تمّ تأليفه من طرف الأستاذ الياس علي عبد السلام والأستاذ حمو ومحمد علوان باسليمان وتحت تأطير وإشراف الأستاذ عبد الرحمان عيسى حواش (رحمه الله) والأستاذ في قواعد اللغة المزابية براهيم وباحمد عبد السلام.
ويأمل أصحاب هذا الإنجاز، أن يكون إضافة نوعية يُسهم في إبراز الثراء في التراث الثقافي الأمازيغي الجزائري.
كما نظّم المكتب التنفيذي الولائي للجمعية الوطنية للشباب الجزائري المثقف مسابقة ثقافية وطنية حول التراث الأمازيغي، ويمكن المشاركة في هذه المسابقة المفتوحة لكل الفئات العمرية، بالاجابة عن الأسئلة المنشورة في الصفحة الرسمية للجمعية. وترسل الأجوبة إلى صفحة الجمعية على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، وهذا قبل تاريخ الجمعة 15 جانفي.
تيزي وزو تسطر برنامجا ثريا للاحتفال بيناير
سطرت مديرية الثقافة لولاية تيزي وزو، والمسرح الجهوي ”كاتب ياسين”، برنامجا ثريا، احتفالا برأس السنة الأمازيغية يناير 2971، ينطلق اليوم الأحد ويمتد لثلاثة أيام، ويفتح المجال للحرفيين والحركة الجمعوية لإبراز معاني وأهمية هذا التاريخ، عبر معارض ونشاطات متنوعة تعكس الزخم الثقافي والتراث العريق لمنطقة القبائل خاصة، والجزائر عامة.
برنامج الاحتفال بيناير، الذي جاء هذه السنة في إطار جائحة ”كوفيد 19”، سيكون عبر قاعدة رقمية، حيث تحتضن مختلف المؤسسات الثقافية الاحتفالات المخلدة للحدث، وسط إجراءات الوقاية واحترام البرتوكول الصحي، الذي يفتتح بمسرح الهواء الطلق، عبر تنشيط حصة تلفزيونية للقناة التلفزيونية الرابعة للأمازيغية، مع تدشين معرض لشخصيات فنية للولاية، متبوعا بغناء تقليدي رفقة فرقة ”أورار لخالاث” لقرية تيزيط، إضافة إلى لقاء بيداغوجي حول يناير مع أطفال دار الحضانة ”داسين”
جوهرة الشرق الجزائري تحتفي بالسنة الأمازيغية الجديدة
تحتفي عنابة برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2971 بتنظيم مجموعة من النشاطات الثقافية والفنية، وذلك بدءاً من غد الثلاثاء بقصر الثقافة والفنون محمد بوضياف، حيث يثريها وعلى مدار 03 أيام جمعيات ثقافية ونخبة من أساتذة وفنانين يقدمون لوحات فنية تراثية وعروضا متنوعة تبرز البعد الوطني والثقافي للهوية الأمازيغية.
تفتتح فعاليات التظاهرة عشية الثلاثاء باستعراض فلكلوري لفرقة العيساوة، متبوعا بتدشين معرض للحرف والصناعات التقليدية، والذي يشمل جناح المخطوطات القديمة، جناح الحلي والفضة، الخياطة والطرز، الفخاريات والأواني الخشبية والتحف الفنية الشاهدة على إبداعات الحرفيين القادمين من مختلف جهات الوطن، إلى جانب جناح خاص بالأكلات الشعبية والحلويات التقليدية، فيما سيتم تنظيم مسابقة ميدانية لصناعة طبق الكسكسي، كما سيكتشف زوّار المعرض جناح البيت الأمازيغي ووعدة يناير، لتتواصل أمسية الافتتاح بحفل فني متنوّع مع ورشة المجموعة الصوتية لدار الثقافة عنابة، إلى جانب تنظيم مسابقة عروس يناير.
في حين يشهد اليوم الثاني من التظاهرة، تنشيط محاضرة مع الأستاذ عمار نوارة بعنوان «العائلة الملكية»، إلى جانب تنظيم ورشة اللغة الأمازيغية تحت إشراف الأستاذة آيت يخلف جميلة، ليحيي نادي الإبداع الأدبي الأمسية بقصائد شعرية للشاعر الكبير سي محند اومحند.
ليتم عشية الخميس تنظيم حفل اختتام فعاليات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية 2971، بتقديم عرض أزياء للأطفال تحت إشراف جمعية «بن سمة نور لتنمية مواهب الشباب والطفولة» لولاية عنابة، كما سيتم بالمناسبة الإعلان عن الفائزين في مسابقة الطبخ، مسابقة عروس يناير، فضلا عن توزيع شهادات تكريم للمشاركين في التظاهرة.
مع العلم ستعرف الاحتفالية مشاركة عدد من الجمعيات الثقافية، على غرار الجمعية الولائية لترقية السياحة، الجمعية الثقافية ميموزا، جمعية نور الأمل للتنمية وترقية الشباب والثقافة، جمعية الياسمين للأيادي المبدعة للشباب، إلى جانب نخبة من المثقفين والشعراء والحرفيين، من بينهم جميلة هوشات، شاهد كهينة، هاشمي راشدي منيرة، غول منيرة..وغيرها من الأسماء التي ستثري التظاهرة، وستسهم في إبراز ما تزخر به الجزائر من عادات وتقاليد.
عين تيموشينت تستعد هي الاخرى لاستقبال هذا العرس الامازيغي
حيث شهدت تيموشنت الاحتفال من خلال إقامة مجسم الملك سيفاكس على ضفاف واد التافنة على أنقاض دولة سيقا بنواحي بني صاف.
وباشرت السلطات المحلية ببني صاف وبلدية الأمير عبد القادر، التحضير للعديد من النشاطات الثقافية التي تقف عند تاريخ الدولة النوميدية، ودور المنطقة في استمرار مملكة المازويسيل ”ماسيليا”، وعلاقتها مع دول الجوار نوميديا الطنجية، وماسيسيليا ونوميديا القيصرية. كما باشرت الجمعيات المحلية بتلمسان وعين تموشنت ومنطقتي بني سنوس وبني صاف، تحضيرات متنوعة، منها موسم إيراد، وبالتالي سيتم من خلال كل ذلك عرض تاريخ نوميديا عبر الغرب الجزائري، خاصة مدينة سيقا ببني صاف التي تعود إلى أكثر من 200 سنة قبل الميلاد.
وتعد الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية يناير بالجزائر مناسبة للفرح وعيدا سنويا تتجدد فيه الصلة بإرث الأجداد من عادات وتقاليد وموروث ثقافي أصيل يعود لآلاف السنين. تتخلل الاحتفالات بالمناسبة حسب كل منطقة، طقوسا تتعلق في مجملها بالمرأة والأرض كرمز للخصوبة والعطاء وأمل الجميع أن تحمل السنة الجديدة محاصيل وفيرة وسعة في الرزق.
ليبقى إحياء يناير سحرا خاصا يتجلى خاصة في الموروث الثقافي المادي واللامادي الذي يصاحب الطقوس الكثيرة والمختلفة المميزة للحدث.
مدينة ألف قبة وقبة تعمل على تكريس التراث وتثمين الإبداع
بالنسبة لولاية الوادي، سيتم إطلاق مسابقتها الخاصة بطبق الكسكسي في إطار الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة. كما تهدف التظاهرة إلى التعريف بمختلف العادات والتقاليد التي تزخر بها الوادي في ما يخص طريقة تحضير طبق الكسكسي بأنواعه، والمساهمة في تثمين الموروث الثقافي غير المادي والحفاظ عليه، ويتم تخصيص ثلاث جوائز لأحسن ثلاثة أطباق تقليدية أو عصرية للكسكس، من حيث التحضير والتزيين والتقديم، وكذا جوائز تشجيعية لكافة المشتركين.
وتحتفل ولاية الوادي كغيرها من المناطق بيناير، فأهلها لهم عرق أمازيغي ممتد في الجنوب الشرقي الجزائري؛ فهي تمتلك إرثا أمازيغيا رائعا، لازالت بصماته إلى يومنا.
ويوجد في واد سوف بالوادي، مثلا، اسم المنطقة أسوف، وهو يعني الوادي، وهو مرادف لكلمة ”أسيف” بالقبائلية، وكذا العديد من أسماء الأماكن بالأمازيغية، مثل ملغيغ (المكان المقعر)، وتاغزوت (الأرض بجوار الوادي)، وتندلا قمار (الحصان)، ورماس (اسم قبيلة زناتية )، بالإضافة إلى عدة أسماء وألقاب متداولة بينهم، مثل تغنجايت وتعني الملعقة، وابندير، وهي الدف.
عادات السكان بهذه الولاية وتقاليدهم الأمازيغية لها خصوصيتها، فاثناء هذه المناسبة تقام التويزة المعروفة في عديد الولايات الجزائريةويحضر فيها طبق الكسكسي المتنوع، على غرار البندراق والحبات والمرشومة.